يادنامه آية الله العظمى اراكى

رضا استادی

- ۱۷ -


آية‏الله‏العظمى اراكى زمينه چاپ تفسير القرآن والعقل را فراهم و مقدمه‏اى هم براى آن مرقوم فرمودند

باسمه تعالى شانه

خدمت جناب مستطاب عمدة‏لاخيار آقاى حاج عباس آقا كوشانپور مديربنياد فرهنگ اسلامى.

چون آن مؤسسه محترم براى نشر معارف اسلامى مهيا شده است، لذابدينوسيله يك اثر ارزنده علمى (تفسير مرحوم آيت‏الله آقا سيدنورالدين حسينى‏عراقى را) به آن مؤسسه معرفى مى‏نمايد. اين تفسير شريف كه سالها در گوشه‏اى ازيك كتابخانه شخصى به عهده فراموشى سپرده شده بود در نوع خود كم‏نظير و كم‏سابقه مى‏باشد. چون در تفسير قرآن متكى به تدبر در متن آيات شريفه بوده‏اشكالات عقليه‏اى را كه توهم مى‏شده با بيانى واضح دفع كرده است.

اميد است، طبع و نشر اين كتاب خدمت‏بزرگى نسبت‏به احياء آثار علمى‏اسلامى بشود توفيق باز هم بيشتر آن جناب را در خدمت‏به شرع انور خواستارم.خداوند به جناب عالى جزاى خير عنايت فرموده مرحوم والد معظم را كه بنيانگزاراين مؤسسه بوده‏اند غريق رحمت فرموده با ائمه اطهار محشورشان‏فرمايد.

الاحقر محمدعلى‏العراقى

تقدير حضرت آية‏الله‏العظمى اراكى از بانى چاپ تفسير القرآن والعقل

بسم‏الله‏الرحمن‏الرحيم

در زمينه تفسير قرآن كريم و استنباط معارف اسلامى از منبع وحى سالهاى متمادى‏است كه دانشمندان بزرگ باسبكهاى مختلف سعى وافى مبذول داشته، چه بسياركتابها كه نگاشته‏اند. و هر يك با تدبر در كلام خدا به بعدى از ابعاد گوناگون آن‏رسيده‏اند. در ميان آنها تفسير عالم عارف و مجاهد بزرگوار مرحوم آيت‏الله‏سيدنورالدين حسينى عراقى -طاب ثراه- با سبكى نوين مى‏درخشد. اين تفسيرگرچه با مقايسه با تفاسير متداول بواسطه اختصار براى مبتدى چندان نافع نيست‏ولى حاوى نكات دقيق علمى و اشارات و تنبيهاتى است كه براى اهل خبره و فن‏و كسانى كه به اشاره‏اى بسنده مى‏كنند و در علوم عقليه و نقليه احاطه دارند بسيارمفيد است.

تاليف چنين تفسيرى با در نظر گرفتن شرايط خاص زمانى آن مرحوم كه درسفر جهادى براى دفاع از اسلام با اوضاع بسيار نامساعد در مدت دو سال نگاشته‏شده حقا از كرامات بى‏شمار نامبرده شمرده مى‏شود. و از احاطه كامل او به مبانى‏تفسير و مقام شامخ او در علم و عمل و علو روح و قداست نفس آن يگانه حكايت‏مى‏كند. و طبيعى است كه با عدم دسترسى به كتاب در سفر به هنگام تاليف‏و اعتماد به حافظه نمى‏تواند جامع جميع جهات مطلوبه در تفسير باشد. و به گفته‏خودش تنها با تدبر در ملازمات عقليه موجود در قرآن بسير عقلى در قرآن پرداخته.

اينك جاى بسى خوشوقتى است كه جلد دوم اين اثر بزرگ هم توسطمؤسسه محترم بنياد فرهنگ اسلامى كوشانپور به طبع رسيده خداوند تعالى مؤسس‏و بنيانگزار اصلى اين مؤسسه و همچنين مرحوم حاج عباس آقا كوشانپور رحمة‏الله‏عليه را كه در چاپ جلد اول اين كتاب سعى وافر مبذول داشته‏اند قرين رحمت‏فرموده و به ايشان جزاى خير عنايت فرمايد و به بازماندگان و فرزندان برومندايشان كه در طبع اين جلد اقدام نموده‏اند توفيق ادامه راه آنان را در خدمت‏به نشرمعارف اسلامى كرامت فرمايد.

به تاريخ 24 محرم 1403 قمرى والسلام على اخوتى و رحمته و بركاته

الاحقر محمدعلى العراقى

كلمة حول تفسير القرآن والعقل و مؤلفه(ره) (14)

بسم‏الله‏الرحمن‏الرحيم الحمدلله الذى انزل الينا نورا مبينا، يهدى به من اتبع رضوانه سبل‏السلام ينزل على‏عبده آيات بينات ليخرجهم من‏الظلمات الى‏النور باذنه و يهديهم الى صراط مستقيم‏و جعل لنا القرآن مرجعا و ملجا اذاالتبس علينا الفتن كقطع‏الليل المظلم، فانه شافع‏مشفع و ماحل مصدق، من جعله امامه قاده الى‏الجنة، و من‏جعله خلفه ساقه‏الى‏النار.

وحثنا على‏التدبر فى آياته بقوله تعالى: «كتاب انزلناه اليك مبارك ليد برواآياته و ليتذ كر اولو الالباب (15) » و ذم‏الناس على عدم‏التدبر فيه بقوله عز شانه:افلايتد برون القرآن ام على قلوب اقفالها (16)

والصلاة والسلام على من جعله داعيا اليه و سراجا منيرا يزكيهم و يعلمهم‏الكتاب و الحكمة، و على آله‏الذين اذهب‏الله عنهم الرجس و طهر هم تطهيرا.

و بعد، من‏البين الذى لاريب فيه ان‏الكتاب الكريم احد الثقلين اللذين امرنابالتمسك بهما و يقوم عليهما اساس‏الدين القويم، و قد وفق‏الله رجالا من اولى النهى‏و البصيرة للتد برفى آياته و للاهتداء بهداه، و لحل مشكلاته و غوامضه. و ممن‏و فقه‏الله تعالى لذلك، العلامة‏الفهامة وحيد عصره و اويس زمنه آية‏الله فى العالمين‏السيد نورالدين الحسينى العراقى طاب‏ثراه و هو ابن‏السيد شفيع‏ابن‏السيدالامجدالسيداحمد اخ‏السيد الاوحدالسيد محمد و لهما مقبرة و مزارمعروف (به تخت‏سادات) فى قرية كرهرود (اراك).

ولد قدس‏سره فى بلدة اراك سنة (1278) من‏الهجرة‏النبوية و ارتحل فى‏رجب 1341 بعد ان مضى من سنين عمره‏الشريف ثلث و ستين سنة.

و لعمه السيدمحمدالمذكور قصة معروفة مذكورة فى دارالسلام (17) للعلامة‏النورى(ره) و نقلها ايضا المحدث‏القمى(ره) فى مفاتيح‏الجنان فى باب‏تعقيبات صلاة‏الصبح من اراد فليراجع.

و كيف اثنى على صاحب هذاالتفسيرالعظيم (المسمى ب القرآن والعقل)و السفرالقويم و لعمرى ينبغى ان يعد ثناء مثلى لمثله عيبا له و ذما لافخرا و كرماو لكنى اقول: ما شاهدته بعيانى و تيقنته بامارات قوية بجنانى، والمرء عما يقول‏غدا مسؤول.

كان هوالبكاء فى‏الليالى فى اسحارها و صاحب‏العويل الطويل فى‏الايام فى‏عشرات عاشورائها و كان رحمه‏الله ذاحافظة قوية لم ير مثله فانا شاهدنا نسختين من‏مجمح‏المسائل حشاهما مرتين كل مرة فى ثلاث ليال و قابلنا النسختين فرايناالحاشيتين متحدتين فى‏المؤدى مختلفتين فى‏العبارة.

و قد سافر قده بعد تكميل تحصيلاته ببلدة اراك عند علمائها الى‏النجف‏الاشرف و قد حضر هناك مجلس بحث‏الايتين الجليلين (الحاج ميرزا حسين‏الطهرانى (قده) نجل‏الحاج ميرزاخليل الطهرانى (قده) (و العلامة الآخوندملامحمدكاظم الخراسانى(ره).

و له منهما اجازة مفصلة و وصفه‏الاول فى اجازته على ما نقله صاحب (كتاب‏نور مبين) (18) بما هذا لفظه: و كان ممن انتدب الى هذا الغرض و نال الى مقصوده من‏جمع بين‏المعقول و المنقول و برع فى‏الفروع و الاصول و فاز بسعادتى العلم و العمل‏و حازمنهما الحظ الاوفر الاجزل، العالم العامل الفاضل و المحقق‏المدقق الكامل،البحرالمواج و السراج الوهاج و خاتمة الفضلاء المتبحرين البالغ من‏التحقيق غايته‏و من‏التدقيق منتهاه‏السيد السند- الخ ما ذكره-.

و وصفه‏الثانى على ما نقله فيه ايضا (19) بما هذالفظه: و ممن من‏الله عليه و وفقه‏لتصدي هذا الخطب العظيم و الثواب الجسيم جناب‏العالم العامل و الفاضل الكامل‏العلامة‏المحقق و الفهامة المدقق عمدة ارباب التحقيق و زبدة اصحاب التدقيق‏ذى‏النفس الزكية و الاخلاق المرضية عين‏الانسان، بل انسان عين‏الانسان السيدالسند -الخ ما ذكره-.

و كان قده فقيها متتبعا، اصوليا دقيقاو متكلما و حكيما و عارفا و مرجعاو حيدا للفتوى ذارياسة شرعية دينية فى بلدة اراك و حواليها طيلة عشرين سنة اواكثر ولشدة تبحره فى‏الفقه و كثرة تتبعه و تسلطه عليه انه (قدس‏سره) لم يكن محتاجافى جواب‏الاستفتاءات مع كثرتها (لكونه مرجعا و حيدا فى بلده) الى‏المراجعة و كان‏يكتب‏الجواب بلامهلة.

ثم‏انه قد تحقق له فى مكاشفة اتفقت له ملاقاة مولينا حجة‏بن الحسن‏العسكرى -عجل‏الله فرجه- مخاطباعليه السلام له قده بانك اويس الزمن مع‏التلطف‏و التبسم فى وجهه قده و اظهار الملاطفة الخاصة به و اخبر عن مكاشفته هذه فى‏ضمن اشعار (20) نظمها و كتبها بخطه‏الشريف فانه قده و ان لم يكن ماهرا فى فن‏النظم،لكن لم يخل بعضها عن محاسن لطيفة.

و كان ايضا متصلبا فى‏الدين متنمرا فى ذات‏الله لايخاف فى‏الله لومة لائم‏و حافظا للشريعة بما استحفظ من كتاب‏الله مجتهدا فى اقامة‏الحدود و حفظها حتى‏انه صلب بامره رجل من‏الفرقة‏الضالة المضلة البهائية خذلهم‏الله مسمى ب «عرب‏جارچى‏» الذى كان احرق‏القرآن‏العظيم بغضا و عداوة و عنادا و ذبح بامره قده‏اهل‏بيت من هذه‏الفرقة‏الضالة لكونهم اظهروالعناد و اللجاج و الارتداد و لم يمكن‏ذلك الابالاستظهار من سطوته و شوكته فى‏البلدة حتى قال بعض الافاضل فى موته:

اليوم نامت اعين بك لم تنم و تسهدت اخرى و عزمنامها

و كان آية‏الله على‏الاطلاق «بعدالميرزا الكبير ميرزامحمدحسن الشيرازى‏» الحاج‏ميرزاحسين نجل‏الحاج ميرزا خليل‏الطهرانى قد هما «على ما حكاه لى‏بعض‏الثقات‏»يقول لمن يرجع اليه من اهل‏البلدة فى‏الامور الراجعة الى المجتهدو الحاكم: لاينبغى لكم المراجعة الى علماءالنجف مع كون‏السيد نورالدين ببلدكم.

و كفاك شاهد صدق فى قوة حافظته هذا التفسير (القرآن والعقل) فانه الفه فى‏سفر خرج فيه الى‏الجهاد مع اعداءالاسلام والمسلمين و حين مهاجرته الى‏الله‏و رسوله فى معركة‏الحرب العالمى و كان اختلال‏النظم هناك بمثابة ينسى كل ذي‏فريحة قويمة معلوماته باجمعها و مع هذا قد الف قده هناك هذا التفسير الذى‏يتعجب منه‏الناظرون.

و لعمرى ينبغى ان يعدهذا من كراماته، و خوارق عاداته، و كم ينقل اهل‏بلدة‏الاراك من كرامات عديدة له في امور شتى.

و كان احدالموجبات لايقاد نارالحرب‏العالمى كما قيل ان‏الغربيين من‏الكفارو قعوا فى وحشة من عظمة‏الوحدة الحكومة‏الاسلامية و توسعة نطاقها و كثرة‏فتوحاتها فاتفق اعداءالله و اعداءالامة الاسلامية «المسمون بالمتفقين‏» علي تفرقه‏هذه‏الامة و تجزئة حكومتها و تقطيعها قطعة قطعة.

و كم من قارعة و مصيبة تصيب‏المسلمين او تحل قريبا من دارهم من طرف‏الاعداء بغضا; قد بدت البغضاء من افواههم و ما تخفى صدور هم اكبر و كانوا يرون‏سيادتهم و تفوقهم فى‏التفرقة بين‏الدول الاسلامية، فمكروا و او قدوا نارالحرب‏العالمى حتى كادان يبلغ لهيبها الاراضي الاسلامية لاسيما العراقية منها التى هى‏محل‏المشاهدالمشرفة للائمة‏المعصومين‏عليهم السلام.

فبلغ المؤلف قده اخبار موحشة فى تهاجمهم على بلاد المسلمين فافتى‏قدس‏الله نفسه بوجوب الدفاع و لم يكتف بهذه‏الفتوي بل خرج بنفسه‏الشريفة‏لالقوة بدنية، بل حفظا للنوع و تعليما لغيره فى سنة (1334) من‏الهجرة‏النبوية‏القمرية (21) من سلطان‏آبادالعراق (الاراك) و كان مدة مهاجرته زائدا على ثمانية عشرشهرا كماصرح به فى ص‏180 من‏التفسير لان‏الدفاع عن فتنة‏الكفارو عن اراضى‏الاسلام و المسلمين و حفظ الاعتاب‏المقدسة و بقاء استقلال الدول الاسلامية‏من‏الوظائف الحتمية لعموم‏المسلمين.

فخرج بنفسه‏الشريفة الى تلك المعارك و هاجر مع جم غفير من‏المسلمين فى‏صفر (1334) و فى هذه‏السنة خرج الى الدفاع ايضا جم غفير من‏الفطاحل و الاعلام‏من‏النجف الاشرف.

منهم: (السيدالسند آية‏الله الحاج السيدمحمدتقى الخوانسارى) طاب ثراه.و السيدالسند (السيد ابوالقاسم الكاشانى) و شيخ الشريعة الاصبهانى طيب‏الله‏رمسهما.

فاصابهم فى هذه‏السفرة القيمة ما اصابهم فى سبيل‏الله من المكروه و النصب‏و العناء فكتب‏الله لهم بها عمل صالح ان‏الله لايضيع اجرالمصلحين‏و ثواب‏المجاهدين حشر هم‏الله مع‏النبيين و الشهداء و الصالحين من عباده و حسن‏اولئك رفيقا.

و اصاب المؤلف قده من‏المشقة و النصب ما لايعلمه الاالله كما كتب هوقدس‏سره نبذة من احواله فى هذه‏السفرة فى رسالة مسماة ب (رسالة بعض‏الحالات)عربية بخطه‏الشريف، و ترجمه بالفارسيه الفاضل الخبير «ابراهيم دهگان‏» سماهاب (نور مبين) فى حالات صاحب‏الترجمة من اراده فليراجع.

فصار من اعظم مكر اعداءالله فى ذلك‏الحرب‏العالمى الاول (بعدان‏و ضعت‏الحرب اوزارها) و (بعد معاهدة‏الصلح) تجزئة‏الدول الاسلاميه و جعلهاقطعا صغارا و كذلك كانوا و يكونون فلا يزال يوقدون نارا للحرب و كلما او قدوا ناراللحرب اطفاهاالله و يلقون بين‏المسلمين العداوة و البغضاء مخافة ان يجتمعوا على‏حكومه يلم بها شعثهم و يشعب بها صدعهم ويرتق بها فتقهم و يبلغوا بها آمالهم‏و يفك بها اسر هم.

اللهم الف بين قلوب‏المسلمين فيصبحوا بنعمتك اخوانا و سلط على‏اعدائهم الفقر و الذل و المسكنة (ضربت عليهم الذلة و المسكنة و باؤابغضب من‏الله).

اللهم اجعل‏المسلمين مستيقظين كى لايتخذوا الفكار اولياءا من دون‏الله‏و قدنها ناالله عن ذلك با بلغ كلام، و من يفعل ذلك فليس من‏الله فى شيئى، و يحذركم‏الله نفسه و الي‏الله المصير فاعتبرو ايا اولي الابصار.

اللهم شتت‏شمل اعداءالاسلام و المسلمين و فرق جمعهم، و قلب‏تدابيرهم، و خذهم اخذ عزيز مقتدر اللهم اشغل‏الظالمين بالظالمين و اجعلنا بينهم‏سالمين غانمين بحق محمد و آله‏الطاهرين آمين يا رب‏العالمين.

و كيف كان فصاحب هذا التفسير (مع هذه‏المشاق و مع عدم حضور كتاب‏عنده - لامن الحديث، و لامن‏الفقه، و لا من‏التفسيرو لامن غيرها كما صرح فى غيرموضع من مواضع تفسيره) قد جاء بهذا التفسيرالعظيم البديع فى اسلوبه مع تشتت‏باله و ابتلائه به انواع الابتلاءات فورب السماء و الارض انه لكبير الاعلى من كان‏صاحب نفس مطمئنة و قوة قدسية ملكوتية و مؤيدا بتاييدات ربانية، فلله دره‏و عليه اجره.

و كان غرضه قده فى هذا التفسير كما اشار اليه في مواضع من كلماته دفع‏الاوهام و الاشكالات الموردة من‏الملاحدة حول‏القرآن و بيان انه موافق للعقل اوغير مخالف له و لذا كان معتمدا فيه على التدبر فى نفس الآيات.

و هو و ان كان فى‏اكثر مواضع هذا التفسير متكلما و باحثا على مذاق‏اهل‏المعقول و العرفان و لكنه كما سمعنا منه شفاها و يلاحظه المراجع له عيانالايعول فى جميع تلك‏المواضع الاعلى علوم اهل‏بيت العصمة و الطهارة‏عليهم السلام‏و اخبارهم‏عليه السلام كما صرح هو قده فى كثير من مواضعه نعم لو كان آراء اهل‏المعقول‏و العرفان موافقالاخبار اهل‏البيت‏عليهم السلام فهو و الافيرده ببيان شاف و برهان كاف.فجزاه‏الله خيرالجزاء.

و له قده تاليفات اخر قدذ كرهافى (كتاب نور مبين) كلها مخزونة فمن شاءفليراجع. و قد دفن قدس‏سره‏الشريف فى بلدة اراك و له مقبرة لها قبة رفيعة مشتملة‏على ضريح يجتمع المسلمون لدى قبره‏الشريف خصوصا ليالي الجمعات ويرثون‏هناك مراثى مولانا ابى‏عبدالله‏الحسين صلوات‏الله عليه و على اصحابه و يتوجهون به‏الى‏الله و يطلبون من‏الله تعالى قضاء حوائهم. و بالجملة مقبرته مزار معروف، و لهاصحنان و سيعان ولكل واحد منها بقاع فى اطراف الصحنين. اللهم احشره و ايانا مع‏اجداده المعصومين المطهرين آمين.

ثم ان هذا التفسير كان برهة من‏الزمن مخرونة فى زاوية مكتبة عظيمة للفاضل‏الخبير حاج احمد خان حاجباشى(ره) فى بلدة اراك و طالما كنت مولعا فى انتشاره‏و تبريزه الى الملاء الثقافى الدينى ليكون نفعه اعم و اتم... الى ان وفق‏الله تعالى لهذاالمشروع المؤسسة الثقافية المسماة ب (بنياد فرهنگ اسلامى حاج محمدحسين‏كوشانپور -رحمه‏الله- حيث ان مؤسسها قدشمرالذيل و صرف الهمة فى احياءالاثارالعلمى و التراث‏الدينى جزاه‏الله خيرا و غفر لوالديه انه غفور شكور.

ثم انه لايسعنى دون ان اقدم ثنايى الى كل من ساعد فى نشر هذا السفرالعظيم من الاستنساخ بمعاونة ثقة‏الاسلام الفاضل المحترم السيد علي‏الصالحى‏الاراكى زيد توفيقه من خط مؤلفه، و من المقابلة و التصحيح و التهذيب و التعليق‏و التكميل بجهد حجة‏الاسلام و المسلمين الحاج سيدحسين الموسوى الكرمانى‏و حجة‏الاسلام والمسلمين الحاج الشيخ على پناه‏الاشتهاردى و فقهماالله لمرضاته‏و الحمدلله‏اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

محرم 1396 هجرى

الاحقر محمدعلى‏العراقى

رسالة فى اثبات ولاية مولانا اميرالمؤمنين (22)

بسم‏الله‏الرحمن‏الرحيم

اعلم ان مناقب مولينا على‏بن ابى‏طالب -صلوات‏الله عليه- غير ممكنة الضبطحقيقة، و (لنعم ما قال ابن ابى‏الحديد المعتزلى:) انه‏عليه السلام مع بلوغه فى‏الفصاحة حداقيل فيه: ان كلامه دون كلام الخالق و فوق كلام المخلوق لواراد بيان مناقب نفسه‏و اعانه جميع فصحاء العالم لما امكن الضبط. ولكن نذكر نبذة يسيرة مما يدل على‏ولايته المطلقة و خلافته بلافصل.

(منها) قوله تعالى: انما و ليكم‏الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة‏و يؤتون‏الزكوة و هم راكعون. (23)

تقريب‏الدلالة بوجه هو اخصر وابين ما فى‏الباب ان يقال: انه لاشبهة فى عدم‏كون الوصف العنوانى دخيلا فى‏الحكم، و انما قصد به مجرد المعرفية; نظير ان يقال;وليك شخص يصلى كل يوم فى‏المكان الفلانى، و يظهر ذلك بملاحظة ان ايتاءالزكاة‏فى حال‏الر كوع لايكون‏له مزية على ايتائه فى حال آخر من احوال الصلاة او غيرها،و لايتفاوت الحال بوجوده و عدمه، لامن حيث الصحة، و لا من حيث‏الكمال، و لامن حيث‏الوجوب اوالاستحباب، فيتعين ان يكون لاجل‏المعرفية.

و بعد هذا نقول: لانحتاج الى تجشم اثبات ارادة الاولى بالتصرف من لفظ‏الولى، بل نوكله الى ميل‏الخصم، فنقول: لهذه‏اللفظة معان ثلاثة:

الاول الاولى بالتصرف و المختار كما يقال: فلان و لي على‏الطفل يعنى‏صاحب اختياره، فان فهمت على وفق‏السليقة المستقيمة هذا المعنى هنا فهو نص‏فى‏المطلوب، فيدل على ان صاحب‏الاختيار المطلق على جميع‏العباد فى‏جميع‏الامور بعدالله والرسول، هوالمتصف بالوصف العنوانى.

الثانى: الناصر فنقول: على هذا تكون الاية ادل على‏المطلوب، بحيث‏يكاد ان‏يرضى الخصم من باب‏الالجاء بالاول، و تقريبه ان‏الاية على‏هذا تفيد حصرالناصرفى الثلاثة، مع ان من‏الواضح عدم‏الانحصار فالاقرباء كل ناصر للاخر فى اموره‏و حوائجه و كذلك الرفقاء و غير ذلك، فلابد من توجيه الاية بان يقال: ان‏هؤلاءالذين نزعمهم الناصرين يصح سلب هذاالعنوان عنهم بالحقيقة، فان‏الاموركلها مربوطة بمشية‏الله و ارادته و لا تصدر الاعن ارادته و لا يوجدشى‏ءمن‏التكوينيات الابقضائه، ثم فى‏المرتبة النازلة يتوقف تحققها على ارادة‏النبى‏باذن‏الله تعالى، و كك فى‏المرتبة النازلة بعده تكون مربوطة باذن‏الله تعالى‏بارادة‏الولى، فاذا كانت‏الامور كلها بارادات هؤلاء الثلاثة، غاية الامر فى‏المراتب‏الطولية، ينحصر الناصر و المعين فيهم.

و على هذا يصير مدلول الاية ارفع من‏الاول اذمفادها على‏الاول‏مجردالتشريع الغيرالمنافي لانعزال صاحبه و غصب‏الغير منصبه‏المجعول له و على‏هذا راجع الى مرحلة التكوين الغير المتصور فيه ذلك فحينئذ نقول: من كان‏فى‏المرتبة‏الثالثة من‏الله و الرسول فى اناطة‏الامور بارادته يتعين ان يكون هوالوالى‏على‏العباد فى دينهم و دنياهم.

الثالث المحب، و يظهر الكلام فيه مما تقدم فى‏الناصر اذالمراد ان‏المحب الذى يترتب على محبيته اثر منحصر فى هذه الثلاثه فيجئ فيه جميع‏ما تقدم.

و بعد ذلك فيبقى‏الكلام فى تعيين الشخص الذى عرف بهذا التعريف و انه‏من هو فنقول: نرجع فى ذلك الى روايات‏العامة، فقد روى بطر قهم‏المعتبرة لديهم‏اربع و عشرون رواية (24) فى كون‏المراد عليا عليه الصلاة و السلام.

فممن‏روى‏ذلك‏الثعلبى‏فى‏تفسيره بعدة‏طرق ومنهم‏الفخرالرازى والزمخشرى.

قال الزمخشرى: وجيى‏ء به على لفظة‏الجمع و ان كان السبب فيه رجلا واحداهو على ابن ابى‏طالب، لترغيب‏الناس فى‏مثل فعله. انتهى و قد حكى ان اربعمائة خاتم اعطى السائل فى‏حال الركوع; اربعون منهاجرت‏بيد عمر بامنية ان ينزل فى شانه مثل هذه‏الاية.

و منهم سعدالدين التفتازانى و الملاعلى القوشچى، و الثانى هوالذى من غاية‏تعصبه و عناده و عدم انصافه، انكر تواتر رواية‏الغدير و ضعف سندها و مع ذلك‏ذكرهيهنا ان الاية نزلت فى على‏عليه السلام باتفاق المفسرين.

ومنهم‏ابن‏المغازلى‏الشافعى والكلبى،والواحدى، والبيهقى و ابونعيم، وابوبكرالرازى و المغربى و الطبرى و الرجائى و غيرهم و اكثر هم ذكروا ذلك بطرق متعددة.

فالاية بحمدالله تعالي لها اوضح دلالة على الولاية‏المطلقة ليعسوب‏الدين‏على عليه‏الصلاة و السلام.

و رواية‏الثعلبى فى هذا الباب هو ما رواه بسنده المتصل الى عبائة الربعى قال‏بينا عبدالله ابن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول‏الله‏عليه السلام كذا جاء رجل‏شد على وجهه‏اللثام، فجلس بين يدى فكلما قلت: قال رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله يقول: قال‏رسول‏صلى الله عليه وآله فسالته من انت، فرفع‏اللثام عن وجهه و توجه الى‏القوم و قال; الامن‏عرفنى فقد عرفنى و من لم يعرفنى فانا جندب بن جنادة‏البدرى ابوذرالغفارى،سمعت رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله بهاتين، والافصمتا، و رايته بهاتين، والافعميتا يقول: على‏قائدالبررة و قاتل‏الكفرة; منصور من نصره; مخذول من خذله، و ساق‏الحديث الى‏آخر ما نقله فى‏تفسيرالمنهج (25) من اراده فليراجعه، و جده شاهدا على‏المدعى.

و بعد ذلك فلا يصغى الى مناقشات ذكرها ابن حجر فى صواعقه على‏الاستدلال بالاية، و اللايق بالذكر منها مناقشتان لهما صورة يمكن اغترارالعوام بها:

الاول ان‏الشيعة رووا ان عليا عليه‏الصلاة و السلام كان فى صلاته متوغلامستغر قا فى‏التوجه الى‏الله غير ملتفت الى ما سواه حتى ان‏السهام الواقعة على‏بدنه‏الشريف كانوا يخر جونها فى حال‏الصلاة و لم يحس بالمها مع عدم امكان‏اخراجها فى غير حال‏الصلاة لشدة الالم، و هذا مناف مع‏التفاته الى‏السائل و اعطائه‏الخاتم اياه.

و الثانى ان عليا كان فقيرا عديم المال، و الخاتم على مارووه كان قيمته‏خراج الشامات و هو ستماة حمل من فضة، و اربعة احمال من ذهب فاولا كيف‏يمكن بلوغ مثل هذا الى‏الفقير، و ثانيا وجود مثل هذا الخاتم فى‏الخارج قريب‏من‏الامتناع.

والجواب عن‏الاول، ان مقتضى ماذكروه انه‏عليه السلام كان غافلا فى حال صلاته عن‏جميع‏الجهات‏الراجعة الى وجوده‏الشريف و لا ينافى هذا ان يكون ملتفتا الى‏سايرالجهات الراجعة الى طاعة‏الخالق، و لايكون الاشتغال بطاعة خاصة هى‏الصلاة‏مانعا عن اقدامه بساير وجوه‏الطاعة التى من اعظمها خدمة‏الخلق بعنوان‏رضاءالخالق و طاعته.

و الحاصل انه‏عليه السلام كان فى حال الصلاة مشغولا بتمام حواسه نحو المبدء تعالى‏و الامورالراجعة‏اليه، و غافلاعن كل شئ ليس رجوعه و انتهاؤه الى طاعته سبحانه‏و عبادته، فلا منافاة فى‏البين اصلا.

و عن‏الثانى اولا بانا معاشرالامامية والحمدالله تعالى و نساله التثبت على ذلك‏نعتقد في على‏عليه السلام انه مالك خزائن السموات و الارض، فعلى هذا لاوقع‏للاستبعادالمذكور و ليس هذا الاعتقاد من خواصنا بل يشر كنا فيه بعض‏العامة، كمايظهر من نقل بعضهم حكاية‏الشخص الذى جاء بعد موت رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله يطلب ماضمنه له الرسول‏صلى الله عليه وآله لودعا قومه الى الاسلام و كان قد دعاهم و كان ما ضمنه له‏صلى الله عليه وآله‏مآت من‏النوق‏الاسود العين الاحمرالشعر فاتى به على‏عليه السلام بعد عجز ابى‏بكر فى‏اسفل جبل فصلى ركعتين فخرج من‏الحجر الصلب النوق الموصوفة بهذه الصفة‏البالغة ذلك العدد كل مع فصيلها فسلم زمامها الى الشخص المدعى. (26)

و ثانيا انه صلوات‏الله عليه و ان كان فقيرا عديم المال لكنه لم يكن بحيث‏لايصل اليه المال اصلابل كانت الاموال الكثيرة تصل الى يده و هو يقسمهاعلى‏الفقراء و ربما يرفع يده عن‏الشئ‏الذى كان حقه‏الشرعى كما فى قضية سلب‏عمروبن عبدود حيث رفع‏اليد عنه مع ان من‏المقرر ان من قتل قتيلا فله سلبه حتى‏ان اخت عمر و لما رات جسد اخيها بتلك الحالة من‏العزة انشدت.

لو كان قاتل عمرو غير قاتله لكنت ابكى عليه آخر الابد

مع انه قد روى ان‏الخاتم المذكور كان حلقته اربعة مثاقيل فضة، و فصه خمسة مثاقيل‏من‏الياقوت الحمراء و كان لطوق‏بن حران من ملوك العرب، و قد بارز عليا فى غزوة،فقتله على‏عليه السلام فملك خاتمه الرسول‏صلى الله عليه وآله علياعليه السلام من باب‏الغنائم.

و ثالثا - ليس فيما ادعاه ابن حجر شئ ينفعه الا تضعيف هذه‏الرواية‏من‏الشيعة و اين له بالاستدلال بالاية على خلافته صلوات‏الله عليه اذهو تلائم مع‏كون قيمة الخاتم اعلى القيم، و مع كونها ادنيها كما هو واضح.

ثم من جملة‏الروايات التى رواها الخاصة فى نزول الاية‏الشريفة فى شان على-عليه‏الصلوة و السلام-. مارواه ثقة‏الاسلام الكلينى (27) رضى‏الله عنه فى‏الكافى‏عن‏الصادق صلوات‏الله عليه فى تفسير هذه‏الاية، وفيه بعدان ذكرعليه السلام ان‏المراد بالذين‏يقيمون‏الصلاة الاية هو على و اولاده الائمة الاحد عشر قال‏عليه السلام فكل من بلغ من‏اولاده مبلغ الامامة يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون و هم راكعون، و السائل‏الذى سال اميرالمؤمنين‏عليه السلام من‏الملائكة، و الذين يسالون الائمة من اولاده يكونون‏من الملائكة.

ثم لم يعلم من‏الاخبار سر لهذه الملازمة، اعنى الملازمة بين‏البلوغ مبلغ‏الامامة‏و بين‏التصدق فى حال الصلاة حال الركوع و يقرب من الاعتبار ان يكون هذا ابتلاءلائقا بمرتبة الاولياء فان لكل ابتلاءا بحسب حده، و حدهم‏عليه السلام هوالوساطة‏و اخذالفيوضات من‏المبدء الفياض و الافاضة على من دونهم، فيناسب ابتلاؤهم‏بهذا الامر لالان يصير المجهول على‏الله معلوما بل لان يتضح‏الحال علي المخلوقين‏و انهم القابلون لنيل منصب‏الخلافة و الولاية و التوسط، لما فى هذالامر من‏الكشف‏عن ان‏الفاعل مع كمال تو غله فى‏التوجه نحوالمبدء الفياض، لايمنعه ذلك‏عن‏التوجه نحو الخلق و تربيتهم و اعانتهم و رعاية حالهم والله هو العالم‏بحقيقة‏الحال.

آية المباهلة

«فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من‏العلم فقل تعالوا ندع ابنائنا و ابنائكم‏و نسائنا و نسائكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة‏الله على الكاذبين.» (28) الاستدلال بهذه‏الآية الشريفة على‏الولاية‏المطلقة لمولينا اميرالمؤمنين يبتنى‏على مقدمتين مسلمتين.

الاولى ان‏النبى‏صلى الله عليه وآله لم يخرج للمباهلة من اصحابه و اهل بيته سوى‏الذوات‏المقدسة الاربعة، الحسنين، و فاطمة‏الزهراء و اميرالمؤمنين -صلوات‏الله عليهم‏اجمعين-، و هذا ممالم ينكره احد من‏الخاصة و العامة.

الثانية ان كلا من هذه‏الاربعة صلوات‏الله عليهم لابدوان يدخل تحت عنوان‏من‏العناوين الثلثة المذكورة فى‏الاية، فالحسنان لاشك فى دخولهما تحت ابنائناو فاطمة صلوات‏الله عليها داخلة فى نسائنا بقى ان يكون على‏عليه السلام داخلا فى انفسناو بهذا قد صرح‏المؤالف و المخالف; و المحب و المبغض.

فان قلت لم لايجوز ان يكون على‏عليه السلام داخلا فى ابنائنا غاية‏الامر ليس ابناحقيقيا فيحمل على الابن التنزيلى، و هذ اليس باولى من دخوله تحت انفسنا، فانه‏عليه ايضا لابد من‏الحمل على‏التنزيلى لامتناع ارادة الحقيقى قلت الوجه لزوم‏المغايرة بين‏الداعى و المدعو اذ من‏المعلوم ركاكة ان يدعو الشخص نفسه و حينئذفينحصر النفس التى تكون مغايرة مع‏الداعى فى على‏عليه السلام.

فاذا علم انه قد عبر عن على‏عليه السلام بنفس الرسول‏صلى الله عليه وآله فلابد ان يعلم ان‏اقتضاءالتعبير عن شخص بهذا العنوان و لازمه ماذا؟ فنقول: لازمه الافضلية من‏جميع‏البشر ممن عدى خاتم‏النبيين‏صلى الله عليه وآله، و من المعلوم ملازمة ذلك للرياسة العامة.

و بيان ذلك بوجهين: الاول انه من‏المعلوم امتناع اتحادالنفسين و صير و رتهمانفسا واحدا حقيقة فاذا تعذرالحقيقة انصرف الى الصفات، و المراد انه واجد لصفات‏النبى‏صلى الله عليه وآله باجمعها، كالحلم، و العلم و الشجاعة، و التقوى، و منها الافضلية من‏كل‏البشر حتى‏الانبياءعليهم السلام; فيلزم اشتراك المعنون فى جميع تلك الصفات،و مساواته مع‏النبى‏صلى الله عليه وآله فى جميعها، غاية‏الامر خرج وصف النبوة بالاجماع،و من‏المعلوم ان هذا اعنى الافضلية من‏الكل تلازم‏الرياسة العامة.

و الثانى انه فى‏العرف يطلق هذه‏اللفظة: اعنى فلان بمنزلة نفسى وير ادمن‏يقوم مقام‏المتكلم فى‏الاقدام و القيام بالامور التى تكون مطلوبة منه، و من وظيفته‏و على عهدته فى فرض غيبته او مرضه او موته، مثلالو ربى تاجر ولدا له ور آه بالغاغاية‏العقل و الفطانة و الكفاية، و عالما بجميع امور الاب، فهذا الاب يثق بهذا الابن،و يراه فى ايام غيبته و مرضه قائما مقامه فى‏امور البيت و العيال و السوق و المعاملة‏و المراودة بين‏الناس و جميع لوازم المعاشرة، بحيث‏يرى ان ما يكون لنفسه من‏الجدو الاجتهاد و السعى فى انجاز هذه‏الامور بعينه يكون ثابتا لهذا الابن ايضا فيطلق عليه‏ان ابنى هذا بمنزلة نفسى فى غيبتى و مرضى، فيكون النظر اليه فى جميع اموركان‏النظر فيها الى بل يرى حياته منوطة بحياة هذا الابن فاذا مات يرى جميع‏الامورالموجبة لبقائه حاصلا و بالجملة يكون لهذين‏النفسين جميع آثار النفس الواحدة‏المستمرة.

و حينئذ نقول: ان لنبيناصلى الله عليه وآله علاوة على اموربيته و عياله و مراوداته‏و معاشراته و معاملاته امورا اخر روحانية هي العمدة من‏الامور التى تكون على‏عهدة هذا الشخص المعظم، و هى اقامة‏الدين، و نشرالاحكام، و تربية‏الامة،و تكميلهم و اقامة الحدود، فمن كان نفسا للنبى‏صلى الله عليه وآله فلابد و ان يكون جميع‏هذه‏الامور مطلوبة منه كما كانت مطلوبة من‏النبى‏صلى الله عليه وآله فى زمان غيبة‏النبى‏صلى الله عليه وآله اومرضه او موته، و من المعلوم ملازمة هذا للرياسة‏العظمى و الامارة‏الكبرى.

ثم ان‏المطلوب فى مقام المباهلة ان ياتى النبى‏صلى الله عليه وآله بابنيه‏الحسن و الحسين‏صلوات‏الله عليهما، الذين هما قرتا عينه و ثمرتا فؤاده، و بفاطمة‏الزهراعليها السلام‏التى هى بضعة منه، و بمن هو اعزالانفس عنده و يكون نفسه نفس‏النبى‏صلى الله عليه وآله و بقاؤه‏بقاءالنبى‏صلى الله عليه وآله و حياته حياته و قيام‏الامور المطلوبة من‏النبى‏صلى الله عليه وآله فى اوقات مماته‏بوجوده.

و بعبارة اخرى من يكون جميع رجاءالنبى‏صلى الله عليه وآله و وثوقه و اعتماده و استظهاره‏بوجوده. ففيه دلالة على كمال اظهار حقانيته لدلالة ذلك على انى لو كنت كاذبافالهلاكة كانت واردة على و على اهل‏بيتى الاقربين و على من هو بمنزلتي حتى‏لايبقى منى اثر و لاعين والله الموفق للصواب.

اعلم ان‏الغرض اتمام‏الحجة لاحصرالايات الدالة و عدجميعها فانه ليس من‏شاننا لعدم وفاءالعمر بذلك، فالمناسب‏الاشارة الى بعض‏الاحاديث ايضا فنقول‏و بالله الاستعانة و عليه‏التكلان:

(منها) ماروى من طريق الخاصة بسبعين طريقا و من طريق‏العامة بماة طريق‏على ما حكى عن‏السيد هاشم‏البحرانى (29) و بثلثمائة طريق على ما حكى عن‏السيداسمعيل النورى (30) بالفاظ مختلفة ففى بعضها على نحو الخطاب لعلى‏عليه السلام انت منى‏بمنزلة هرون من موسى و فى بعضها على منى الخ و فى بعضها اما ترضى ان تكون‏منى الخ.

وجه‏الاستدلال انه‏صلى الله عليه وآله اثبت جميع منازل و مراتب كان لهرون بالنسبة الى‏موسى لعلى بالنسبة الى نفسه صلى‏الله عليهما و آلهما، و الدليل على هذا العموم،الاستثناء، فانه لو نزل شخص منزلة آخر من دون ذكر صفة خاصة من صفاته،كان يقال فى‏السخاوة او في‏الشجاعة بل على نحو الاطلاق، ثم عقب باستثناءصفة مخصوصة، كان يقال زيد بمنزلة عمرو الافى الكتابة، فهذا ظاهر عرفافى ان‏المتكلم ارادتمام الصفات الكائنة لعمرو والالتعرض لاخراجه فى مقام‏الاستثناء، فحيث اقتصر علي الكتابة علم ارادة المنزلة بالنسبة الى الباقي،فكذلك اذا قيل: نسبة على الى كنسبة هرون الى موسى و منزلته منى منزلة هرون‏من موسى‏الافى صفة‏النبوة، يكون ظاهرافى جميع ماعدا النبوة مما كان لهرون‏من موسى.

ثم من جملة منازل هرون ما استدعاه موسى حيث‏حكى‏الله‏تعالى عنه بقوله‏رب اشرح لى صدرى و يسرلى امرى و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولى و اجعل‏لى وزيرا من اهلى هارون اخى اشدد به ازرى و اشركه فى امرى. (31)

فمقتضى العموم ان عليا كان وزيرا للرسول‏صلى الله عليه وآله كما كان هرون و زيرا لموسى‏و ظهره مشدودا بعلى كما كان ظهر موسى مشدودا بهرون، و كان على شريكاللنبى‏صلى الله عليه وآله فى امره، كما كان هرون شريكا لموسى فى امره.

ثم المراد بالشركة فى هرون مع عدم تعقل‏الشركة فى‏امرالنبوة بحيث‏يكونان‏معانبيا واحدا لكن يتعقل فى‏المرتبة النازلة بان يكون بحيث لومات موسى‏عليه السلام كان‏هرون‏عليه السلام هو الخليفة له و النبى بعده و ان لم يعش هرون‏عليه السلام بعد موسى‏عليه السلام و هذاالمعنى لاينا فى مع فرض‏الطاعة و الولاية التى هى المدعي فيمكن ان يكون النبى‏و الوصى كليهما مفترض الطاعة فى زمان واحد.

و يدل عليه قوله تعالى: و اطيعواالله و اطيعوا الرسول و اولى الامر منكم (32) و عن هذا المعنى عبرالنبي‏صلى الله عليه وآله بالفاظ مختلفة; كقوله‏صلى الله عليه وآله انا مدينة العلم و على بابها (33) و قوله‏صلى الله عليه وآله انا و على ابوا هذه‏الامة (34) و الحاصل ان النبوة مع‏النبوة و ان كان لم يمكن‏اجتماعهما (35) لكن النبوة مع‏المرتبة‏الملازمة مع‏النبوة فيما بعد. و ان شئت عبر عنهابالامامة و الولاية، و فرض‏الطاعة‏الفعلية فاجتماعهما بمكان من‏الامكان فالكلام‏بعمومه يثبت هذه‏المرتبة لعلى‏عليه السلام و هوالمطلوب.

و توهم بعض الجاهلين حيث قال: ان هذاالكلام كان بعض موارد عز صدوره‏من‏الحضرة النبوية‏صلى الله عليه وآله عند خروجه الى غزوة تبوك، و استخلافه‏صلى الله عليه وآله علياعليه السلام فى‏المدينة، و اظهار على‏عليه السلام اشتياق الكون فى‏خدمته‏صلى الله عليه وآله فقال فى جوابه: اما ترضى ان‏تكون منى بمنزلة هرون من موسى فهذا الاستخلاف كان مخصوصا بزمان غيبة‏النبى‏صلى الله عليه وآله فى تلك الايام التى سافر الى تبوك و بعد مراجعته حصل‏الانعزال، و لولم‏يحصل‏العزل بالقول.

و مافهم هذا الجاهل ان صدور هذاالكلام لم يكن فى واقعة واحدة بل فى‏وقائع عديدة، فورودالاشكال على فرض تسليمه فى بعض الوقايع، لايوجب قدحافى‏الوقايع الاخر التى صدر هذاالكلام فيها، مع ان‏المناقشة المذكورة فى كمال‏البرودة مع ملاحظة سوق‏الكلام و استثناءالنبوة من بعده‏صلى الله عليه وآله.

ثم ان هنا مناقشة اخرى و هى ان‏الاستثناء انما يفيدالعموم اذا كان متصلا،و كان المستثنى من افرادالمستثنى منه، و الافالاستثناء المنقطع، اعنى ما كان خارجاعن افراده، يكون بمنزلة قضية مستقلة مصدرة باداة الاستدراك، فكانه دفع توهم‏نشامن الكلام، كما يقال جاء زيد و لكن لم يجئ عمرو، فكذلك اذا قيل جاءالقوم‏و لكن لم يجئ افراسهم، و الاستثناء فى حديث المنزلة ايضا منقطع، لان النبوة بعدموسى‏عليه السلام ليست من منازل هرون‏عليه السلام من موسى‏عليه السلام، فان منزلة شخص من شخص ماكان له نحو ارتباط بذاك الشخص الثانى، كان يكون الاول خليفته او وزيره او ابنه اوكاتبه او شاعره او خادمه او صاحب سره او شريكه فى امره الى غير ذلك‏من‏الارتباطات و الاضافات بين‏الشخصين.

و اما النبوة فهى منصب الهى و لايصح ان تعد من‏المنازل بين‏المخلوق بمجردكون زمانها بعد زمان شخص فانه لايصير بذلك نبى هذا الشخص، بل هو نبى‏الله،غاية‏الامر يكون بعده، فعلم ان الاستثناء منقطع، اذالمستثنى منه منازل هرون من‏موسى، و النبوة بعد موسى ليست منها.

والجواب ان‏الصغرى و ان كانت مسلمة و ان كان بعض علما ئنا حاول منعهاايضا و لكن الانصاف انها متينة. و لكنا نمنع الكبرى و هوان الاستثناءالمنقطع لايفيدالعموم، بل نقول انه فى افادة‏العموم ان لم يكن اقوى من‏المتصل، فهو مثله قطعا، الاترى لو قيل خرج اهل‏البلد الاخواجه حافظ‏الشيرازى، فهذا الكلام مسوق لافادة‏غاية‏التاكيد و المبالغة، لعدم بقاء احد من اهل‏البلدفيه; حتى كان الباقى هو خواجه‏حافظ; و كذلك لو قيل خرج اهل‏البلد الا افراسهم، يفيدان المتكلم الذى تعرض‏و صار بصدد اخراج الافراس كان متوجها الى عدم بقاء احد فى‏البلد. فلو كان واحدمن اهل البلد با قيالتعرض له بطريق اولى; و حينئذ فنقول فى‏الحديث الشريف‏انه‏صلى الله عليه وآله نزل عليا من نفسه‏صلى الله عليه وآله منزلة هرون من موسى‏عليه السلام من‏الوزارة، و شدالظهر،و الاشتراك فى‏الامر على‏المعنى الذى سبق ثم تاكيدا و مبالغة لجميع تلك المنازل‏و المراتب تعرض لما ليس منها، و هى‏المرتبة‏العالية التى كان هرون واجدالها،و كانت مقتضيه لنبوته بعد موسى لوعاش، فاثبت‏صلى الله عليه وآله هذه‏المرتبة ايضا لعلى‏عليه السلام‏و تعرض ان عدم‏النبوة انما هو من جهة انه لانبى بعدى. لاانه ليس فى على‏مقتضى‏النبوة، فهو علاوة على وجدانه درجات هرون بالنسبة الى موسى بالنسبة الى‏واجد لمرتبة اخرى ايضا بحيث لو امكن النبى بعدى لكان هو علياعليه السلام، فالكلام‏على هذا فى افادة‏العموم لو لم يكن با بلغ منه على فرض اتصال الاستثناء فليس‏باقصر محققا.

ثم ان للعامة‏العميا ايراد اعلى عامة ما نرويه و نستدل به، من‏التنصيصات على‏خلافة على‏عليه السلام له صورة تغتر بها العوام، و هو ان ما ادعيتم من هذه‏التنصيصات‏الكثيرة و التاكيدات، و التشديدات البليغة فى امر خلافة على ينبغى ان يقطع بخلافهاالعاقل اذالاحظ حال الصحابة، و كيفية اهتمامهم فى امرالدين و تحملهم الصدمات‏و المشاق، و الحروب لاعلاء كلمة‏الاسلام، حتى انهم فى‏بعض‏الغزوات انحصرقوتهم بان يمص احدهم التمر، ثم يدفعه الى صاحبه; فيمصه، و ما كان غرضهم‏الاتشييدالحق. و تخريب الباطل، و اذا كان الامر كما وصفتم بهذا الوضوح و الظهور،كيف يمكن لهولاء الصحابة ان يسكتوا باجمعهم.و يبايعوا ابابكر مع وضوح بطلانه،و كيف يمكن ان يصير هذا الامر الباطل متحققا فى مرآهم و مسمعهم؟ بل كانوايتصدون لدفعه مع كمال الجد و السعى، و يوجبون على انفسهم ترك المساهلة،لاداء ذلك الى خراب ما تحملوا تلك المشاق‏العظيمة، و المساعى الجسيمة‏فى‏اظهاره و ترويجه، من‏الدين.

و الجواب: ان من‏الممكن بمكان من‏الامكان ان رجلين كافيين (36) ربما ينزلان‏جماعة كثيرة على امر، و يحققان اجماعهم على ذلك الامر.

فمن الممكن ان يكون اول زمان تصدوالبنيان مقاصدهم الخفية زمانا امرهم‏النبى‏صلى الله عليه وآله بالتسليم على على‏عليه السلام بامرة‏المؤمنين.

و قد حكى عن ابى بردة‏الاسلمى انا كنا جماعة حضرنا فى محضرالنبى‏صلى الله عليه وآله‏فى هذه القضية (37) فلما خرجنا قال عمر فى‏الطريق اصبروا ان يموت هذا الرجل نضع‏هذه الكلمات تحت اقدامنا.

ثم ترقى الامر قليلا قليلا حتى اجتمع جماعة و وقع فيما بينهم التعاهدو وضعوا الصحيفة الملعونة و ادخلوا فى‏اذهان‏الناس انه لابد من‏الممانعة عن ان‏يجلس على مجلس النبى بعد وفاته‏صلى الله عليه وآله والادارالسلطنة و الملك فى بنى علي،و تصير رقاب اولادنا ذليلا لهم و رعية لهم فنصير نحن الى الانحطاط و الانعدام،و هم الي العظمة و علوالامر كالا كاسرة و اشباههم من ملوك الدنيا حيث‏يخلف كل‏ابن محل ابيه فى‏السلطنة و الدولة فلابد من عدم تخلية‏السبيل لهم من اول الامرحتى لا تستقرالخلافة فى‏اولاد على فيصعب ازالتها.

و من‏المعلوم انه بعد سبق هذه‏المقدمات و تشييد مادة‏الفساد كان اضلال‏الناس فى‏غاية‏السهولة و يحصل اجتماع‏النفوس بالتطميعات و التخويفات و بعدذلك لايبقى استبعاد اصلا.

و من ذلك اجتماع الناس على معاوية عليه‏الهاوية مع وضوح بطلانه فلا حظكيف اوجد اسباب تفرفة الناس عن اميرالمؤمنين‏عليه السلام . و هذا عمروبن عاص كتب اليه‏معاوية بهذه‏الالفاظ:

من معاوية‏بن ابى سفيان خليفة عثمان‏بن عفان امام‏المسلمين و خليفة‏رسول رب‏العالمين ذى‏النورين ختن‏المصطفى على ابنتيه (الى ان قال) المحصورفى منزله المقتول عطشا و ظلما فى محرابه‏المعذب باسياف الفسقة الى‏عمروبن‏العاص صاحب رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله، و ثقته و امير عسكره بذات السلاسل المعظم‏رايه‏المفخم تدبيره.

ثم ذكر حكاية قتل عثمان و ان مولينا عليا امتنع من نصرته و لم يكتف بذلك‏فحرك‏الناس ايضا على قتله، ثم دعا عمروا الى المحاربه و القتال مع على‏عليه السلام.

فاجا به عمرو بهذا الالفاظ:

من عمروبن العاص صاحب رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله الى معاوية‏بن ابى‏سفيان اما بعدفقد وصل كتابك فقراته و فهمته، اما ما دعوتنى اليه من خلع ربقة‏الاسلام من عنقى،و التهور فى‏الضلالة معك و اعانتى اياك على الباطل و اختراط السيف في وجه على‏رضى‏الله عنه، و هو اخو رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله، و وصيه، و وارثه، و قاضى دينه، و منجزو عده و زوج ابنته سيدة نساء اهل‏الجنة و ابوالسبطين الحسن و الحسين سيدى‏شباب اهل الجنة.

ثم قل بعد كلام له: و يحك يا معاوية اما علمت ان ابا حسن بذل نفسه بين‏يدى رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله، و بات على فراشه، و هو صاحب السبق الى الاسلام و الهجرة.

و قد قال فيه رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله: هو منى و انا منه و هو منى بمنزلة هرون من‏موسى‏الاانه لانبى بعدي.

و قد قال فيه يوم غدير خم الا من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم و ال من والاه‏و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله.

و هو الذى قال فيه‏عليه السلام يوم خبير: لاعطين الراية غدا رجلا يحب‏الله و رسوله‏و يحبه‏الله و رسوله.

و هوالذى قال فيه يوم‏الطير: اللهم ائتنى باحب خلقك اليك فلما دخل عليه‏قال اللهم والى.

و قد قال فيه يوم‏النضير: على امام‏البررة و قاتل الفجرة منصور من نصره‏مخذول من خذله.

و قد قال فيه: على و ليكم بعدى، و اكد القول على و عليك و على جميع‏المسلمين.

و قال: انى مخلف فيكم الثقلين كتاب‏الله و عترتى.

و قد قال انا مدينة العلم و على بابها.

و قد علمت‏يا معاوية ما انزل‏الله تعالى فى كتابه من الايات المتلوات من‏فضائله التى لايشر كه فيها احد.

كقوله تعالى: يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا (38) .

انما وليكم‏الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة‏و هم راكعون (39) .

افمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه (40) رجال صدقوا ما عاهدواالله عليه من المؤمنين (41) و قد قال‏الله تعالى لرسوله‏عليه السلام قل لا اسئلكم عليه اجرا الاالمودة فى‏القربى. (42)

و قد قال رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله: اما ترضى ان يكون سلمك سلمى و حربك حربى;و تكون اخى و وليى فى‏الدنيا و الاخرة، يا ابا الحسن من احبك فقد احبنى‏و من ابغضك فقد ابغضني; و من احبك فقد ادخله‏الله الجنة، و من ابغضك‏ادخله‏الله النار.

و كتابك يا معاوية الذى هذا جوابه، ليس مما يخدع به من له عقل او دين‏و السلام.

هذا جواب عمرو، و اشعاره المصدرة بقوله:

بآل محمدصلى الله عليه وآله عرف الصواب (43) الخ ايضا معروفة.

ثم ان هذا الشخص مع وصول هذه‏المطالب اليه و وضوح الحق لديه، قد لحق‏فى آخرالامر بمعاوية، و ذهب الى ما ذهب اليه ابوه، فليتا مل المتامل كيف تصنع‏بالانسان الاهوية الباطلة و الخيالات الفاسدة و حب الجاه و الرئاسة و السلطنة بحيث‏لا يستبعد منه صدور شئ من‏الا فعال، و ان بلغ فى‏الفضاحة و الشناعة ما بلغ و فى‏القباحة الى ما يتعجب منه‏المتعجبون.

فاي استعجاب فى صدور ذلك من بعض الشياطين فى قضية ابى بكرو اضلالهم الناس و اخراجهم عن دينهم بالتطميعات و التخويفات، و المقدمات التى‏مهدوها عند انفسهم.

و ايضا من اوضح الدلائل على سهولة تحصيل اجماع الخلق على امر و لو كان‏فى‏البطلان كالشمس فى وسط‏السماء، وقعة‏الطف، و قضية شهادة مولينا ابى‏عبدالله‏الحسين صلوات‏الله عليه، و الحال انه لم يخل الزمان من الطبقة الاولى من‏الصحابة، و لم يمح عن‏الاذهان ما فعله رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله بالحسنين‏عليه السلام من حملهما على‏كتفه (44) و غير ذلك، مما هو فى‏الوضوح يستغنى عن‏الذكر و قوله‏صلى الله عليه وآله فى حقهما: انهماسيد اشباب اهل‏الجنة (45) و انهما امامان سيد ان قاما او قعدا (46) و لا اقل من ان عدم جوازاراقة دمه كان من‏الواضحات، التى لا ينكر وضوحه الا المعاند، العارى عن‏الحياء.

و قد اتم الحجة صلوات‏الله عليه على تلك الجماعة، التى حضرت لسفك‏دمه، و اقام عليهم البراهين الواضحة و احالهم فى تصديق ما رواه من فضائله، التى‏جرت على لسان رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله الى الموجودين من‏الصحابة مثل جابرو سهل‏الساعدى و زيدبن ارقم الى غير ذلك من‏الاحتجاجات المذكورة فى محالها،و مع ذلك لم يزد هم الا اصرارا و الحادا حتى قال بعضهم و هو اشعث‏بن قيس‏الملعون على ما نقل - بعد تلك الاحتجاجات: ما ندرى ما تقول انزل على حكم‏ابن عمك.

فلينظر العاقل الى اى مرتبة تصل عمى القلب و الانحراف عن‏الحق الصريح‏حيث لايكتفى لرفعه آلاف الوف شاهد و بينة، و آية و معجزة، نعوذ بالله من‏شرورالنفس الامارة بالسوء.

و ممايدل على المطلوب ايضا الخبر المتواتر المقطوع، من قوله‏صلى الله عليه وآله عندرجوعه من حجة‏الوداع، فى غدير خم فى جملة خطبة له، المتواتر منها ذلك: من‏كنت مولاه فهذا على مولاه، اللهم و ال من والاه، و عاد من عاداه و انصر من‏نصره;و اخذل من خذله.

اما تواتره فقد روى من طريق العامة على ماحكى من ابن عقدة، بمائة‏و خمس طرق و السيد اسماعيل النورى (47) من طرق‏الخاصة، بنيف و ثمانين طريقا.

و الخدشه فى كون مثله من المتواترات، بان المتواتر ما افادالعلم، و يمكن‏الخلف بانه لايفيد العلم فاسدة منشاها اما عدم الوقوف و عدم التتبع و اما العنادبالعناد، فان شرط حصول العلم من‏التواتر عدم حب‏الجانب الاخر بواسطة كونه على‏دين‏الاباء و الاجداد.

و حينئذ فيق: لو قال لك ايها المنكر للتواتر في خبر الغدير قائل من‏اليهود اوالنصارى: ان ما استدللت‏به على نبوة خاتم‏الانبياءصلى الله عليه وآله، من تواتر المعجزة، لايفيد لناعلما، بل ولا تزلزلا و ترديدا، فباى شئ‏تجيبهم؟ فنحن نجيبك به هيهنا فنقول: اذاحصل لك اقطع بعدد اقل كالعشرين، فدعويك عدم حصول القطع بما يبلغ قريبامن‏الماتين تكون من‏الهذيان، و يضحك عليك النساء و الصبيان، و من المعلوم‏ازيدية عدد التواتر فى هذا الخبر حصل لك القطع منه فى باب المعجزات كيف‏ولو اخبراحد من بلدة كاشان مثلا بان سعر. المتاع الفلانى كان كذا يحصل القطع،لانه لايتصور له داع‏الكذب فكذا ما ينقله علماءالعامة فى كتبهم من طرق هذاالخبر لايتصور لهم داع‏الكذب اذلا يتصور فى جعله لهم كذبا منفعة، بل فيه‏الضرربحالهم.

و اما سببية‏التواتر لحصول القطع فليست‏سببية عقلية فلا يمتنع عدم‏حصول‏القطع عقيبه عقلا و لكن يمتنع عادة مثل ساير الاسباب العادية كما يحصل‏القطع بعدم سقوط‏السقف لامتناعه عادة مع انه لاامتناع فيه عقلا.

و اما دلالة الخبر فنقول: ان للمولى معان: الرب، و الربيب، و الشريك، و ابن‏الاخت، و ابن العم، و الابن، و العم، و المالك، و العبد، و المعتق، و المعتق،و المنعم; و المنعم عليه; و الجار، و ضامن‏الجريرة، و الوارد بالضيافة: و التابع،و الصهر، و زوج الاخت; و ابوا كل من الزوجين -و مرادفه فى هذا المعنى بالفارسية‏خسرا (48) - و المحب; و الناصر; و صاحب‏الاختيار; و الاولى بالتصرف; و يمكن‏ارجاع‏الاخيرين الى واحد.

و كيف كان فلا يخفى عدم مناسبة ماعدى‏الاربعة الاخيرة فى‏المقام، و لاادعاها احد: و انما ادعى ان‏المراد هوالمحب او الناصر.

و ليعلم اولا ان ما يستدل به على‏الامر الاعتقادى، لابد ان يصل من‏حيث‏السند الى القطع بالصدور و قد فرغنا من هذه‏الجهة بحمدالله، و ان يصل من‏حيث‏الدلالة ايضا الى القطع و النصوصية، و الافمجرد ارجحية احد الاحتمالات مع‏احتمال ما ينافى المطلب غير كاف فى هذا الباب، و ان كان يكفى فى‏الاحكام‏الفرعية‏العملية.

فنقول: الامر هكذا فى دلالة الخبر، يعنى تصل الى حد القطع لانه لو كان‏المراد هو المحب او الناصر و ان فرضنا ان التوصية بهذا الامر ايضا من‏المهمات، التى‏يصح لاجلها التوقف و النزول فى حرالهواء قريب الزوال، فى ذلك المكان الغيرالمعد لنزول القافلة لما هو المعلوم من عداوة جل‏الناس لعلي‏عليه السلام و لكن كان حق‏العبارة حينئذ ان يقال: من كان مولاى فليكن مولى على، اى من كان ناصرى او محبى‏فليكن ناصر على او محبه و العبارة المنقولة بخلاف ذلك، فيكون على هذا المعنى‏توصية لعلى بحبه للناس و نصرته لهم كما هو واضح،فلم يكن معنى لسبق قوله‏الست اولى بكم بل كان المناسب ان يقول: الست اولى بك يا على من نفسك و لم‏يكن وجه لجمع النفوس فى ذلك الموضع و هل يخاف النبى‏صلى الله عليه وآله من مخالفة‏على‏عليه السلام لو قال له ذلك فى‏الخلوة، او في محضر جمع قليل، و ما كان وجه لتهنية‏عمربن‏الخطاب بقوله: بخ بخ الخ و ما كان وجه انشادالشعرا للمديح فى حق‏على‏عليه السلام، و ما كان وجه لقوله حسان.

فقال له قم يا على فاننى رضيتك من بعدي اماما و هاديا

و ما كان وجه للبيعة المصرح بها فى اشعار ابن ابى‏العاص التى قالها فى هذا الموقف‏حيث قال:

و ضربته كبيعتة بخم معاقدها من‏القوم الرقاب

و ايضا ماصح قضية‏الحارث الفهرى (49) ، المذكورة فى محلها.

و ربما يخدش فى كلية ادلة هذا الباب، بانا نسلم جميع ذلك، و ان‏الخلافة‏خاصة لعلى ليس فيها لغيره حظ و لا نصيب و لكن كان قيام‏الثلاثة بالامر برضاه‏و امضائه فكانوا نائبين منابه، و قائمين مقامه، و منصوبين من قبله صادرين عن امره‏و نهيه متابعين له متابعة‏العبد لسيده و الرعية لسلطانه، و الاكان على‏عليه السلام و ليا على‏جميع الخلق، حتى على ابى‏بكر و عمر و عثمان.

و فيه ان هذه الدعوى كاذبة و ينادى بكذبها ما حكى من كلمات الاميرعليه السلام‏فانها مشحونة من التصريحات بعدم رضاه و غصبهم لميراثه و حقه عن ظلم و عدوان‏و ان عدم تصديه‏عليه السلام للمحاربة معهم بنفسه و عشيرته كان من باب ملاحظة الاهم‏و ترك المهم لوقوع‏المزاحمة بين حفظ‏الاسلام و غصب‏الولاية فانه‏عليه السلام لوتصدى‏للحرب كان‏الاسلام فى معرض‏الزوال، و لو صبر كان محفوظا، لانهم كانوا لحفظصورة الاسلام فى غاية الجد، غاية الامر كانت الولاية مغصوبة، فمن باب‏ترجيح‏الاهم و حفظ‏الاسلام اختار الصبرعلى‏الحرب كما ان لعين هذه‏الجهة اختارو لده‏الحسين‏عليه السلام الحرب على‏الصبر، حيث كانت القضية فى حقه‏عليه السلام بالعكس،و بالجملة التشكيات فى كلام الاميرعليه السلام عن الثلاثة لاتقبل الانكار.

و من‏جملة الاخبارالتى تواترها مقبول لدى المؤالف و المخالف، خبرالثقلين‏حيث انه‏صلى الله عليه وآله جعل‏العترة صلوات‏الله عليهم تاليا للقرآن الكريم و جعل‏الاخذو التمسك بذيلها موجبا لعدم ضلالة صاحبه ابدا و المراد بالعترة اهل‏البيت‏عليهم‏السلام و المراد باهل‏البيت من قد عينه رسول‏الله‏صلى الله عليه وآله فى حديث الكساء،فانه‏صلى الله عليه وآله بعد اجتماع على و فاطمة و الحسن و الحسين معه صلوات‏الله عليهم‏اجمعين تحت‏الكساء، قال: اللهم هؤلاء اهل بيتى حقا، فقالت ام سلمة رضى‏الله‏عنها: الست من اهلك؟ فقال: انك على خير و لكن هؤلاء اهل‏بيتى و ثقلى.

و قد اكتفينا فى بحث امامة مولينا على‏عليه السلام بهذا المقدار، لانه يكفى للمنصف‏ان‏شاءالله تعالى، مع ان‏الاستقصاء يستوعب العمر، فالان نشرع بعون‏الله الصمدفى‏ادلة امامة سايرالائمه‏عليهم السلام.

فنقول: من جملة الادلة على ذلك الشامل لامامة مولينا على‏عليه السلام ايضا.

قوله تعالى: «اطيعوالله و اطيعوا الرسول و اولى الامر منكم (50) »بيانه: ان العاقل يحكم بان من يجعله‏الله مفترض الطاعة بقول مطلق لابد و ان‏يكون خاليا عن‏العصيان و معصوما و طاهرا ذيله من مخالفة الرحمن و كذلك من‏الخطا فانه من لايبالى عن‏المعصية و يعمل بهواه و يترك امر مولاه فقد يجره ذلك الى‏اراقة دم مسلم من دون حق اوالى نهب ماله او هتك عرضه الى غير ذلك ممانهى‏الله عنه فيتعلق شهوته بوجوده، او مما امرالله فيتعلق ميله بتركه و حينئذ لواوجب‏الله على عباده طاعة هذا الشخص بقول مطلق يلزم ان يوجب الله معصيته‏و مخالفة امره و نهيه (51) على عباده، و هو من‏القبح بمكان، و كذلك يلزم التكليف‏بمالا يطاق فانه يامر باراقة دم‏المسلم لكونها مما امر به هذا الشخص و ينهى‏عنها ايضا.

و بعد وضوح هذا المطلب نقول: لم يدع احد مرتبة العصمة فى حق احد من‏الامة الافى حق‏الائمة الاثنى عشر صلوات‏الله عليهم اجمعين; و غير هم لم يدع احدلو جدانه هذه‏المرتبة، فتعين ان يكونوا هم المراد باولى الامر فى‏الاية.

مضافا الى امكان التمسك لطهارة ذيلهم‏عليه السلام، باية: انما يريدالله ليذهب عنكم‏الرجس اهل‏البيت و يطهر كم تطهيرا (52) فانه قد ورد من طريق العامة احد و اربعون‏خبرا على تعيين اهل‏البيت فيهم، و من طرق‏الخاصة اربعة و ثلاثون (53) و الفرق انه‏فى‏الاولى لم يذكر غير الاربعة المباركة: على، و فاطمة، والحسن والحسين‏عليه السلام، و في‏بعض‏الثانية ذكر جميع‏الائمة الاثنى عشر صلوات‏الله عليهم اجمعين.

و قد اعترف من علماء العامة ابن ابى‏الحديد المعتزلى، بدلالة هذه‏الاية على‏العصمة حيث قال ما حاصله ان‏النبي‏صلى الله عليه وآله قد افهمنا المراد باهل البيت فى حديث‏الكساء، حيث انه‏صلى الله عليه وآله بعد اجتماع‏الاربعة الطيبة قال: اللهم ان هؤلاء اهل بيتى حقافعلمنا ان‏المراد باهل‏البيت فى هذه‏الاية من هو، ثم ذكر ما حاصله: فان قلت: فيدل‏الاية على‏العصمة فى على‏عليه السلام فاجاب نعم، نحن قد علمنا من حالاته‏الباطنية‏بوجدانه‏عليه السلام هذه‏المرتبة; و ان كان فرق بين هذا و بين وجوب العصمة، ففرق بين‏قولنا زيد معصوم، و بين قولنا زيد واجب‏العصمة; لاشتراط ذلك فى‏امامته،و الاعتبار الاول يقول به المعتزلة، و الاعتبار الثانى يقول به الامامية. انتهى ما اردت‏نقله بالمعنى، مما حكاه‏الاستاد (54) دام بقاؤه فى‏المنبر.

و من جملة الادلة العامة ايضا; هو النصوص الواردة فى‏النص على‏الائمة‏الاثنى عشر، و هى بين ما اجمل فيه، و بين ما ذكرواعليهم السلام فيه باسماءهم على‏التفصيل‏و نحن نقول: لولم يكن فى‏البين سوى‏الطائفة الواردة فى‏الاجمال، لكفى بحمدالله‏على صحة مذهب الاثنى عشرية، و بطلان غيره من‏المذاهب طرا، من‏العامة و سايرفرق‏الشيعة.

و توضيح هذا الاجمال، انه قد روى عن‏النبى‏صلى الله عليه وآله من طريق‏الخاصة و العامة‏بطرق متعددة يقرب من‏الماتين (55) بحيث لايقبل المضمون انكارا بين‏المخالف‏و المؤالف و المضمون فى‏الجميع انه‏صلى الله عليه وآله قال: ان‏الخلفاء من بعدى على ما فى‏بعضها و الامير بعدى على ما فى آخر و ولى الامر بعدي على ما فى‏الثالث اثنا عشر،و هم لاينقرضون بانقضاءالدهر، و يبقون مادامت الدنيا، و لا يزال الاسلام يكون‏عزيزا منيعا بوجودهم، حتي اذا انقرضوا ماجت الارض، و ساخت‏باهلها، و آن‏قيام‏القيامة.

فهذه‏الاخبار التى تكون دلالتها صريحة فى هذه‏الكلية و الاجمال و سندهاغير قابل للخدشة حتى لدي كل عارعن‏الانصاف، لاينطبق مضمونها على شئ من‏مذاهب‏الاسلام الموجودة فى‏العالم، سوى مذهب‏الشيعة‏الامامية الاثنا عشرية، لان‏سائر المذاهب بين ما لا يبلغ العدد فيه الى‏الاثنى عشر، بل يزيد او ينقص و (بين) مالا يمكنه تطبيق هذا الوصف اعنى عدم‏الانقراض الى آخر العالم، و البقاء الى قيام‏القيامة علي هذا العدد، و اما مذهب الاثنى عشرية ففى فسحة من ذلك لانهم‏يعدون‏ائمتهم الى الاثنى عشر، اولهم على‏بن ابى‏طالب، و آخرهم: الامام الثانى عشرصلوات‏الله عليهم اجمعين و يعتقدون ان‏التاسع من اولاد الحسين‏عليه السلام حى موجودباق من يوم ولدالى زماننا هذا، والى ما قدرالله تعالى له من‏الحياة فعلم عدم تطبيق‏هذا المعنى و هذالكلية; الاعلى مذهبهم، و هو كاف في حقيته و بطلان غيره لو لم‏يكن الا اياه والله الهادى و الموفق للصواب و له الحمد.

فان قلت نعم و لكن هنا سؤال و ارد على هذه‏الاخبار. و هو ان‏النبى‏صلى الله عليه وآله و عدان‏الاسلام لايزال منيعا عزيزا بوجودالخلفاء الاثنى عشر فكيف نرى الحال على‏خلاف ما وعد، فان حال الاسلام فى العزة و الذلة كانت مختلفة فيما اطلعنا عليه من‏ازمانه ففى اول طلوعه كان غريبا و فى بعض الازمان صار عزيز اغالبا على سائرالملل و الاديان و سلاطين الزمان، و فى زماننا هذا صار علي حالته الاولى من‏الغربة;حتى صار اهله ادون من اهل جميع الاديان الموجودة من غيرالاسلام فى‏العالم.

قلت: ليس‏المراد بالعزة ما توهم من‏الغلبة الظاهرية و الشوكة و السطوة‏الصورية على ممالك الارض بل‏المراد المناعة و العزة من حيث البرهان و الحجة‏يعنى ان حجة هذا الدين و هذا المذهب و برهانهما لايزال غالبا و عاليا و فائقا على‏حجة سايرالاديان و المذاهب و ان‏الله تعالي لم يخل‏الارض من وجود الحجج‏صلوات‏الله عليهم لنصرة‏الدين الحق و ايضاح منهجه و ابطال شبهات الملحدين‏و مناقشات الجاحدين فلا يزال يكون‏الاسلام عزيزا منيعا محفوظ الثغور مادامواعليهم‏السلام مستحفظين لهم فهم اعلام‏الهدى و مصابيح‏الدجى و الحجة على‏اهل‏الدنيا:

و الحمدلله فنحن معتقدون بانه لا يمكن ان يعلو حجة خصمنا على حجتنا بل‏حجته ابدا سافلة منكوسة كما هو المشاهد مما وقع منهم من‏الصدر الاول الى الان،فى‏مقام الاحتجاج على ابطال هذا المذهب حيث لم يورث الاحتجاج للمحتج‏سوى الافتضاح و سواد الوجه و لم يتفق الى‏الحال شبهة من ملحد على هذاالمذهب عجزالشيعة عن دفعها.

و لو فرض انه اتفق ذلك احيانا بحيث لم يقدر احد من‏العلماء الموجودين‏على دفع‏الشبهة فحينئذ يجب على‏الامام الغائب عن‏الانظار ان يدفع هذه‏الشبهة باي‏نحو كان لانه المدخر لحفظ الاسلام و لو لم يدفع مثل هذه‏الشبهة التى عجزت عنه‏عقول الفحول، لما كان‏لله على‏الناس حجة، لو رجعوا عن دينهم و تمايلوا الى دين‏آخر; بل يكون عذرهم موجها و حجتهم تامة; و ابى‏الله الاان يتم نوره و لو كره‏الكافرون.

و لايوقفنا ما اودع فى‏الكتب على وقوع ذلك فى‏الاعصار الماضية، سوى‏واقعتين فى كلتيهما رفع حجاب الباطل عن وجه‏الحق، الحجة‏الموجودة‏فى‏ذلك العصر.

احديهما اتفقت فى‏زمان‏العسكرى‏عليها السلام،و هى‏واقعة‏استسقاءالراهب النصرانى،و نزول المطر بمجرد دعائه، بعد عدم نزوله بدعاء اهل‏الاسلام و تضرعاتهم فى ثلاثة‏ايام متعاقبة، و هى مذكورة فى كتاب مدينة المعاجز (فى‏المعجزة الثالثة و الثمانين)من معاجز ابى محمدالحسن العسكرى -سلام‏الله عليه-.

و ثانيتهما اتفقت فى‏زمان‏الغيبة، و هى واقعة‏الرمانة‏التى اصطنعها الوزيرالناصب و ابتلى بذلك اهل‏البحرين، و قد ذكره‏الفاضل المجلسى‏قدس سره‏فى‏المجلدالثالث عشر من‏البحار فى عداد من راى‏الحجة صلوات‏الله عليه قريبامن‏زمانه، و كذا فى دارالسلام لاخوند ملامحمود السلطان‏آبادى، عند ذكر الثامن‏ممن راى‏الحجة‏عليها السلام فى‏الغيبة الكبرى، فى‏حال اليقظة و عرفه‏عليه السلام (56) .